responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العناية شرح الهداية المؤلف : البابرتي    الجزء : 1  صفحة : 485
(بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ)
(وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ قَضَاهَا إذَا ذَكَرَهَا وَقَدَّمَهَا عَلَى فَرْضِ الْوَقْتِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ وَفَرْضِ الْوَقْتِ عِنْدَنَا مُسْتَحَقٌّ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مُسْتَحَبٌّ، لِأَنَّ كُلَّ فَرْضٍ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ شَرْطًا لِغَيْرِهِ. وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ]
لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الْأَدَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ الْأَصْلُ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَضَاءِ وَهُوَ الْخَلَفُ عَنْهُ (وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ) أَوْ فَوَّتَهَا عَمْدًا (وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا إذَا ذَكَرَهَا وَقَدَّمَهَا عَلَى فَرْضِ الْوَقْتِ.
وَالْأَصْلُ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ وَفَرْضِ الْوَقْتِ مُسْتَحَقٌّ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هُوَ مُسْتَحَبٌّ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْفَائِتَةِ عَلَى الْوَقْتِيَّةِ (؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرْضٍ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ شَرْطًا لِغَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ تَبَعٌ فَكَانَ بَيْنَ أَصَالَتِهِ وَتَبَعِيَّتِهِ مُنَافَاةٌ. وَنُوقِضَ بِالْإِيمَانِ فَإِنَّهُ أَصْلُ الْفُرُوضِ وَهُوَ شَرْطٌ لِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَالصَّوْمِ فَإِنَّهُ فَرْضٌ مُسْتَقِلٌّ، وَهُوَ شَرْطٌ لِلِاعْتِكَافِ الْوَاجِبُ بِالِاتِّفَاقِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ شَرْطًا لِغَيْرِهِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمُنَافَاةِ، إلَّا إذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِهِ شَرْطًا لِغَيْرِهِ فَيُجْعَلُ شَرْطًا لَهُ مَعَ بَقَائِهِ مَقْصُودًا، وَمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [الأنبياء: 94] فَإِنَّ الْأَحْوَالَ شُرُوطٌ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِالصَّوْمِ» فَكَانَا شَرْطَيْنِ بِهَذَيْنِ النَّصَّيْنِ، وَتُدْفَعُ الْمُنَافَاةُ بِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ فَقُلْنَا وَمِنْ ذَلِكَ مَحَلُّ النِّزَاعِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فَلْيُصَلِّ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ لِيُصَلِّ الَّتِي ذَكَرَهَا ثُمَّ لِيُعِدْ الَّتِي صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ» وَدَلَالَتُهُ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ ظَاهِرَةٌ حَيْثُ أُمِرَ بِإِعَادَةِ مَا هُوَ فِيهَا عِنْدَ التَّذَكُّرِ.
وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى النَّائِمِ وَالنَّاسِي لَا غَيْرُ، وَالْوُجُوبُ ثَابِتٌ عَلَى مَنْ فَوَّتَ الصَّلَاةَ عَمْدًا أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ، وَمَتْرُوكُ الظَّاهِرِ لَا يَكُونُ حُجَّةً لَا سِيَّمَا فِي إفَادَةِ الْفَرْضِيَّةِ. لَا يُقَالُ: يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِدَلَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَى الْمَعْذُورِ فَعَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ أَنْ لَوْ كَانَ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ عُقُوبَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ رَحْمَةٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَعْذُورِ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقُ غَيْرِهِ وَهُوَ الْعَاصِي. الثَّانِي أَنَّهُ خَبَرُ وَاحِدٍ لَا يُعَارِضُ الْمَشْهُورَ، فَإِنَّ الْجَوَازَ ثَبَتَ بِهِ كَمَا زَالَتْ الشَّمْسُ مَثَلًا، فَلَوْ كَانَ التَّرْتِيبُ فَرْضًا بِمَا رَوَيْتُمْ بَطَلَ مَا ثَبَتَ بِالْمَشْهُورِ. الثَّالِثُ أَنَّكُمْ عَمِلْتُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ تَعْمَلُوا بِخَبَرِ الْفَاتِحَةِ وَهُمَا خَبَرُ وَاحِدٍ فَكَانَ تَنَاقُضًا. الرَّابِعُ أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ وَضِيقِ الْوَقْتِ وَكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ، وَشَرَائِطُ الصَّلَاةِ لَا تَسْقُطُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَالطَّهَارَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ.

اسم الکتاب : العناية شرح الهداية المؤلف : البابرتي    الجزء : 1  صفحة : 485
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست